لا يا قيود الذل
أختي أخي... أما إذا وفقكِ الله للتوبة إليه، فاحذر أن تقع مرة أخرى أسير لقيود الذنوب، فإن للذنوب أغلالاً وقيوداً، تقيد صاحبها، وأسراً وجاذبية لمن أدمن عليها، تدفعه دوماً للالتصاق بها، والحنين إليها والإصرار عليها، حتى يتعلق قلب العبد بها، ولا يستطيع فكاكاً من أسرها، إلا أن تداركه رحمة من ربه.
وإليك أخي اختي، هذه الوصايا الذهبية، التي تقيك شر النكوص على عقبيك، وتذهب من قلبك تعلقه بالذنب، بإذن من مقلب القلوب.
1 - إياك ومحنة الفراغ:
فالفراغ والبطالة سبب مباشر للانحراف، فإذا اشتغلت بما ينفعك في دينك ودنياك، قلت بطالتكِ، ولم تجد فرصة للفساد والإفساد، ونفسك أيتها الغالية، إن لم تشغليها بما ينفعها، شغلتكِ بما يضركِ
2- أغلق أبواب المعاصي:
فكل ما من شأنه أن يثير فيكِ دواعي المعصية، ونوازع الشر، ويحركِ فيك الغريزة لمزاولة الحرام، قولاً وعملاً، سواء كان ذلك سماعاً أو مشاهدة، أو قراءة، ابتعد عنه، واقطع صلتكِ به.
كأشخاص يفتحون لكِ أبواب المعاصي أو أصحاب يحركون فيكِ نوازع الشر، وهكذا الرجال الأجانب عنكِ والأماكن التي يكثر ارتيادها، وتضعف إيمانكِ النوادي والملاهي وهكذا الابتعاد عن مجالس اللغو واللغط، والابتعاد عن الفتن، وضبط النفس فيها، ومن ذلك إخراج كل معصية تبت منها، وعدم إبقائها معكِ في منزلكِ أو مدرستكِ أو عملكِ.
3- الزم حامل المسك:
فإذا صاحب جليسه صالحه، حيا قلبك، وانشرح صدرك، واستنار فكرك، وبصرتك بعيوبك، وأعانتك على الطاعة، وجليسة الخير تذكركِ بالله، وتخفظك في حضرتكِ وغيبتكِ، وتحافظ على سمعتكِ، واعلمي أن مجالس الخير تغشاها الرحمة، وتحفها الملائكة، وتتنزل عليها السكينة، فاحرصي على رفقة الطيبات المستقيمات، ولا تعدي عيناكِ عنهم فإنهم أمناء.
4- تجنب نافخ الكير.
فاحذر رفيق السوء، فإنه تفسد عليك دينك، ويخف عنك عيوبك،يحسن لكِ القبيح، ويقبح لكِ الحسن، تجركِ إلى الرذيلة، ويباعدك من كل فضيلة، حتى يجرك على فعل الموبقات والآثام، والصاحب ساحب، فقد تقودك إلى الفضيحة والخزي والعار.
وليست الخطورة فقط في إيقاعك في علاقات محرمة مع الشباب أو غيرها من من المعاصي، بل الخطورة كل الخطورة في الأفكار المنحرفة والعقائد الضالة، فهذه أخطر وأشد من طغيان الشهوة.
لأن زائغ العقيدة قد يستهين بشعائر الإسلام، ومحاسن الآداب، فهي لا تتورع عن المناكر، ولا تؤتمن على المصالح، بل تلبس الحق بالباطل، فهي ليست عضو أشل، بل عضوم مسموم يسري فساده كالنار في الهشيم.
5- تذكر عزة الانتصار:
فكلما همت نفسكِ باقتراف منكر أو مزاولة شر، تذكري أنكِ أن أعرضتِ عنها، واجتهدتي في إجتنابها، ولم تقربي أسبابها، فسوف تنالي قوة القلب، وراحة البدن، وطيب النفس، ونعيم القلب، وانشراح الصدر، وقلة الهم والغم، والحزن وصلاح المعاش، ومحبة الخلق، وحفظ الجاه، وصون العرض، وبقاء المروءة.
والمخرج من كل شيء، مما ضاق على الفساق والفجار، وتيسير الرزق عليكِ من حيث لا تحتسبي، وتيسير ما عسر علي أرباب الفسوق والمعاصي، وتسهيل الطاعات عليكِ، وتيسير العلم فضلاً عن أن تسمعي الثناء الحسن من الناس، وكثرة الدعاء لكِ، والحلاوة التي يكتسبها وجهكِ، والمهابة التي تلقى لك في قلوب الناس، وسرعة إجابة دعائكِ، وزوال الوحشة التي بينك وبين الله، وقرب الملائكة منك، وبعد شياطين الإنس والجن عنكِ.
هذا في الدنيا، أما في الآخرة فإذا متِ تلقتكِ الملائكة بالبشرى من ربكِ بالجنة، وأنه لا خوف عليك ولا حزن، تنتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة، تنعم فيها إلى يوم القيامة.
فإن كان يوم القيامة وكان الناس في الحر والعرق، كنت في ظل العرش، فإذا انصرفوا من بين يدي الله تبارك وتعالى، أخذ الله بكِ ذات اليمين مع أوليائه المتقين، وحزبه المفلحين (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) (الجمعة: 4).
إنكِ أن استحضر ت ذلك كله، فأيقن بالخلاص من الولوغ في مستنقع الرذيلة.
6- تذكري آلام الأشواك:
فكلما أردتِ مزاولة الحرام، ذكر نفسكِ أنكِ إن فعلتِ شيئاً من ذلك، فسوف تحرم من العلم والرزق، وسوف تلق وحشة في قلبكِ بينك وبين ربكِ، وبينك وبين الناس.
وأن المعصية تلو المعصية تجلب لك التعسير في الأمور، وسواد الوجه، ووهن البدن، وحرمان الطاعة، وتقصير العمر، ومحق بركته، وأنها سبب رئيسي لظلمة القلب، وضيقه، وحزنه، وألمه، وانحصاره وشدة قلقه، واضطرابه، وتمزق شمله، وضعفه عن مقاومة عدوه، وتُعريه من زينه.
استحضر أن المعصية تورث الذل، وتفسد العقل، وتقوي إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة، وتزرع أمثالها، وتدخلك تحت اللعنة، وتحرمك من دعوة الرسول ، ودعوة المؤمنين، ودعوة الملائكة.
بل هي سبب لهوانك على الله، وتضعف سيرك إلى الله والدار الآخرة وأن المعصية تطفئ نار الغيرة من قلبك وتذهب بالحياء، وتضعف في قلبك تعظيم ربك، وتستدعي نسيان الله لك، وأن شؤم المعصية لا يقتصر عليك، بل يعود على غيرك من الناس والدواب.
استحضر أنك إن كنتِ مصاحبة المعصية، فالله ينزل الرعب في قلبكِ ويزيل آمنك ويبدل به مخافة، فلا تري نفسكِ إلا خائف مروعوب تذكر ي ذلك جيداً قبل أقترافك للسيئة.
نقلته للفائده