[color=green][size=18]تابع
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر
أسرعت مع ابنتي لصلاة الظهر
ما دمت قررت هذه المرة الانتظار والدخول للروضة الشريفة، فلأصطحب ابنتي معي..
ووقفنا حيث أرشدتنا أختي... وطال انتظارنا...
كان يطيب لي أن تلتقط أذني أدعية بعض من حولي، وأتعجب، كيف تتعدد اللهجات، وتتزاحم الطلبات، وتلهج الألسن بالدعوات، بلغات متخالفات، لكن الله تعالى عالم الجهر، لا تختلط عليه الأصوات ولا الدعوات، فيعطي كل ذي سؤل سؤله...
يطيب لي أن أتعلم من أحوال الناس المختلفة، منهم من يسأل للدنيا، ومنهم من يسأل للآخرة...
منهم الخاشع، ومنهم اللاهي...
منهم الباكي على خطيئته...
ومنهم الفرح المستبشر بلقاء حبيبه...
وطال الانتظار...
وبدأت النساء يتململن...
- ماما..... لا أحس أن أحدا يتحرك
- اصبري يا ابنتي........ إن الله مع الصابرين
ولأشغلها قليلا قلت لها:
أترين جموع النساء المتزاحمة هذه؟
تخيلي لو أنك الآن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنك واقفة تنتظرين الإذن ليسمح لك بالدخول لمبايعة رسول الله....
سرحت ابنتي قليلا في كلماتي.... ثم قالت:
- وعلى ماذا أبايعه؟
- انظري أنت وفكري... على ماذا ستبايعين رسول الله...
فكروا قليلا...
علام ستبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وهل ستكونون على مستوى البيعة؟
وهل ستوفون بالبيعة؟
أم ستنقلبون على أعقابكم؟
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ
انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ
اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ } (آل عمران 144)
الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر
أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر
صدرت التعليمات الحاسمة
أنهوا الزيارة سريعا، وعودوا فورا إلى الفندق، لأن الوالد يريد زيارة مسجد قباء، وسنصلي العصر هناك بإذن الله..
واتجهنا نحو المسجد القديم.....
أول مسجد أسس في الإسلام
المسجد الذي امتدحه ربنا سبحانه وتعالى في محكم آياته لأنه أسس على التقوى من أول يوم:
{ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} (التوبة 108)
ومضينا.... مقتفين آثار الأنصار والمهاجرين، وهم يهرعون إلى هناك، ليستقبلوا الحبيب المحبوب، صلوات ربي وسلامه عليه، تسبقهم قلوبهم وأرواحهم، حتى التقوا بقرة عينهم ومهجة فؤادهم...
ياااااااااااااااااااااألله..................
وطلع البدر عليهم، من ثنيات الوداع.....
واختارهم الله لنصرة خاتم أنبيائه ورسله...
وفازوا بنعيم صحبته...
وسعادة القرب منه.......
بما صدقوا الله ما عاهدوه....
قالوا: ما لنا إن نحن وفينا
قال: لكم الجنة
قالوا: رضينا... لا نقيل ولا نستقيل...
رضي الله عنهم وأرضاهم، وألحقنا بهم في عباده الصالحين..
سبحان الله....
قباء لها طابع خاص....
بيوتها القديمة، وشوارعها الضيقة، وأشجار النخيل على الجانبين، تحمل عبق الماضي وأريجه...
نسمات عليلة، وجو هادئ ساكن، لا صخب ولا ضجيج...
هدوء وسكينة وطمأنينة..
ودخلنا لنصلي ركعتين في هذا المسجد المبارك....
" من خرج حتى أتى هذا المسجد – مسجد قباء – فصلى فيه؛ كان له عدل عمرة" السلسلة الصحيحة/ الألباني/ 3446)
ثم قامت الصلاة، فصلينا صلاة العصر، ودعونا المولى جل وعلا بما فتح به علينا...
ثم انطلقنا إلى أحدُ.....
أحُد جبل يحبنا ونحبه...
ووقفنا على الرمال الدافئة الممتدة من حولنا....
وأخذت أتلفت حولي، وأجول ببصري في هذه البقعة المباركة...
ذلك هو جبل الرماة، حيث استشهد عبد الله بن جبير رضي الله عنه، ومن بقي معه من الرماة، ثابتين على الحق، مطيعين لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حارسين لهذا الثغر حتى آخر قطرة من دمائهم الزكية، لم يلتفتوا لغنيمة ولا لمتاع، ودفعوا أرواحهم ثمنا لخطيئة إخوانهم...
وهذا هو جبل أحُد.......... الشامخ الأشم............ الحنون...
الذي ارتجف بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق، وشهيدان" (صحيح البخاري)
أحُد الذي تحصن به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت يقاتل قتال الأنبياء، والصحابة من حوله، يفدونه بأرواحهم ومهجهم، ويتساقطون بين يديه واحدا تلو الآخر، ليموتوا وتبقى العقيدة، فما كانوا أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون..